امرأة هزّت عرش هيفا وهبي... وغيّبتها!



امرأة هزّت عرش هيفا وهبي... وغيّبتها!

لا يخفى على أحد أنه ليس من السهل أبدًا أن تكوني هيفا وهبي وتخفي هويتك الحقيقية لأجل شخصية درامية... صحيح أنها من الأدوات الرئيسة للممثل الحقيقي ونواة العمل الدرامي، لكنّ هذا الاختبار سيف قاطع تهدّ ضربته سنوات من العمل الدؤوب وتبتر الطريق أمامه عند مفترق اللاعودة.

في حياة هيفا ثلاث نساء، ولكل واحدة منهنّ حكاية... أولاهن "نوسة" التي سكبت هيفا فيها من روحها فاستمدّت قوة للإقدام على خطوة التمثيل معها ومن خلالها، ففاجأت الجمهور بتلك الفتاة الطيبة البريئة التي تفقد حب حياتها وسط كمّ من الحقد والكراهية والطمع والغيرة، إلى درجة نسي فيها المشاهد أنها... هيفا وهبي. 

أما "روح"، التي أبدعت من خلالها هيفا في دور المرأة الضعيفة، غير المنفتحة على الحياة، بل المطيعة لحماتها والتي تنصاع لأوامرها ولا ترفض لها كلمة، فجعلتنا نشعر بالاختناق عند ركونها للضعف، فخطفت أنفاسنا وأنستنا ببراعة أدائها أن ما نتابعه لم يكن سوى مشاهد من فيلم ومعاناتها ليست إلا تمثيلًا. 

وهنا، ظهرت المرأة الثالثة، تلك السيدة الغنية بتناقضاتها، الذكيّة باختياراتها، الضعيفة تجاه مشاعرها، والقوية في مواجهة مصاعب الحياة ومآسيها... إنها حبيبة بيطار أو "بيبا"، التي باتت حديث الساعة بتفاصيل حياتها، وحركاتها، وتصرّفاتها، وملابسها... والتي تماهت معها هيفا روحًا وأداءً، لتؤكد مرة جديدة أن نجاحها لم يكن يومًا محض صدفة أو بالأحرى مجرّد كلام على ورق.

وعلى الرغم من أن "كلام على ورق" تعرّض لنقد لاذع، وخاصة لناحية طريقة التصوير المقلوبة التي اعتمدها المخرج محمد سامي في المسلسل وهي تسمّى "داتش" ما أثار استياء المشاهدين حيث بالغ باستخدامها، أو لناحية الإضاءة الخافتة التي عاد وخفّف منها مع مرور الأسبوع الأول، كانت هيفا المنقذة، حيث تسمّر المشاهد أمام الشاشة لمتابعتها، كما أن ما أجمع عليه النقّاد والجمهور كان أداء هيفا وإبداعها وامتلاكها أدواتها ببراعة، الأمر الذي طغى على كل الأمور الثانوية الأخرى. هيفا وهبي، التي احتاجت إلى سنوات من الصبر والكفاح لتحقق النجاح الباهر على صعيد الغناء، جاءت اليوم لتكرّس لدينا فكرة أنها فنّانة موهوبة بالفطرة، وممثلة واعدة بامتياز، وتمتلك هالة خطيرة تسيطر بوضوح على من حولها لدرجة لم نشعر معها برهبة الوقوف أمام ممثلين محترفين وفي جعبتهم مئات الأعمال ومزوّدين بشهادات جامعية وخبرة اكتسبوها مع مرور السنوات، بل على العكس بدت هيفا متماهية في الدور إلى حد بعيد، ومتمكنة من أدائها الجسدي والحسيّ وحتى الصوتي. ففي لغة الجسد، بدت حركات "حبيبة" وردود فعلها طبيعية، بينما ظهر بوضوح تمكّن هيفا من اللعب بنبرات صوتها بحرفية عالية بهدف إيصال المشهد بمنتهى الصدق، فتغيير نبرات الصوت والأداء الصوتي تقنيّة صعبة لها مخاطرها وانعكاساتها، ولا يدرك أهمّيتها ومدى صعوبتها إلا أصحاب الاختصاص أو العاملون في مجال الصوت أو الإذاعة والتمثيل الإذاعي. 

وكما باتت هيفا أيقونة في الموضة، كذلك تحوّلت "حبيبة" إلى نموذج تحتذيه السيدات والفتيات في الملابس والأزياء، فهي امرأة طوت صفحة حياتها الماضية واختارت مهنة تصميم الأزياء فشكّلت في الألوان وابتكرت خطًا خاصًا. أما القميص المقطّع الذي ارتدته حبيبة أثناء التحقيق معها فقد بات موضة رائجة لدى الفتيات، ويترافق ذلك مع طريقة تصفيف الشعر نفسها. وهنا تجدر الإشارة، إلى أنّ اعتماد هيفا على اللون الأحمر لشعر حبيبة، أعاد الطلب على هذا اللون من قبل السيدات، مع العلم بأن هيفا اليوم، في معلومات خاصة لـ"نواعم"، قد صبغت شعرها باللون الأسود مجدّدًا.

باختصار، حبيبة بيطار غيّبت هيفا، أو بالأحرى هيفا غيّبت نفسها كرمى لـ"بيبا"، لتتربّع على عرشها مزهوّة بنجاح طاغٍ يليق بها ويفيها حقها بعد جهد متواصل أنهكها جسديًا وكرّس ولادة نجمة درامية من الدرجة الأولى.