تعتبر الدعارة في أفغانستان غير مشروعة ويعاقب عليها القانون بأشد العقوبات. لكن هذا لا يعني أن هذا البلد المحافظ لا توجد فيه دور دعارة أو عاهرات. فربما لا توحي الجدران العالية المعتادة في أفغانستان بذلك، ولكن وراء أسوار المباني تعيش العاهرات مع سماسرة الدعارة، وهو ما لا يمكن اكتشافه من الخارج؛ أما من يبحث ويدقق فسيكتشف الأمر. وحتى على أرصفة الطرق يمكنك أن تجد العاهرات، فسائق السيارة مثلا يوجه الإضاءة في اتجاه المرأة المنقبة وإذا أعطته إشارة فعندها يعرف أنه "على صواب".
الإجبار على ممارسة الدعارة
هيثر بار من القسم الأسيوي في منظمة حقوق الإنسان هيومن رايتس ووتش، تستغرب من الانتشار الكبير للدعارة في بلد محافظ مثل أفغانستان. والسبب حسب رأيها، هو أن المرأة في أفغانستان لا تختار طواعية القيام بذلك: "في شهر مارس/ آذار من هذه السنة نشرت منظمتنا (هيومن رايتس ووتش) تقريرا عن النساء المسجونات في أفغانستان بسبب جرائم أخلاقية. تحدثت معهن، واندهشت من أن العديد منهن أجبرن من قبل أزواجهن أو عائلاتهن على ممارسة الدعارة.
ويبقى الفقر وإدمان الرجال على المخدرات من أهم أسباب ممارسة الدعارة في أفغانستان. وهو ما يجعل العديد من العائلات ترى في بناتها مصدرا للدخل، بغض النظر عن طريقة كسب المال.
وفي الفترة الأخيرة تتحدث بعض المنظمات غير الحكومية عن جلب العاهرات من باكستان إلى أفغانستان. فالحدود بين البلدين ليست تحت سيطرة الحكومة، ما يسهل تهريب البضائع وحتى البشر. وعندما يتم تسليم الشابات إلى سماسرة الدعارة فإنهن يستسلمن لقدرهن، بسبب حاجتهن الماسة للمال. "نحن فقراء وضعفاء"، تقول إحداهن، والتي تعيش الآن في جلال آباد بعيدا عن منزلها في مدينة كراتشي في باكستان. "ماذا علينا أن نفعل؟ ليس لدينا شيء للأكل". لذلك رحلت هي وغيرها من النساء من كراتشي إلى جلال آباد، وتضيف : "لا أحد يقوم بهذا العمل عن طواعية، ولكن ليس لدي خيار آخر."
الفقر هو السبب والعقوبة الرجم أو الجلد
الشابة لا تتكلم اللغة المحلية، أي الباشتو أو الداري، ولهذا فهي لا تعرف بمن تستنجد وتخشى أيضا العواقب المحتملة إذا حاولت الهرب، فهي تخاف من القواد الذي يراقب كل شيء، والذي تصفه بـ " الكبير". ولكن حتى "الكبير" يعتبر الفقر من دوافعه الأساسية في إرسال الشابات إلى أرصفة الطرق: "أفعل هذا لأنني فقير وأنا بحاجة إلى إطعام أطفالي، وأنا على علم بأن المجتمع ينبذني وأنني قد أواجه عقوبة الإعدام في أسوا الأحوال." ويضيف " الكبير" في مقابلة مع DWأنه لو لا فقره لما أجبر النساء على ممارسة الدعارة.
بموجب القانون الأفغاني والشريعة الإسلامية تبقى الدعاة محرمة، سواء أكانت طوعية أو قسرية. هذا ما يؤكده رجل الدين، نق محمد، الذي يعمل في المحكمة في المنطقة الشرقية من نانغارهار في أفغانستان، والذي يقدم المشورة بشأن القضايا الإسلامية. فبالنسبة للدعارة يقول الفقيه أن البغاء والاتجار بالبشر هو ضد مبادئ الشريعة الإسلامية ويعاقب عليه الدين بأشد العقوبات ويضيف: "يجب أن يشهد على الجريمة ما لا يقل عن أربعة شهود، وإذا كان أحد الطرفين متزوجا فعقوبته هي الرجم، أما إذا لم يكن متزوجا فالعقوبة هي الجلد".
خطر الأمراض الجنسية
وحتى لو نجا الشخص من هذا العقاب فلا تزال هناك مخاطر أخرى: فالأمراض الجنسية قد ازدادت بشكل كبير في الأشهر الأخيرة، كما يقول الدكتور باز محمد شيرزاد من وزارة الصحة في نانغارهار، ويضيف: "لدينا تقارير طبية تفيد بأن الكثير من الشباب الذين يأتون إلى المستشفيات يعانون من التهابات في المسالك البولية والأمراض المنقولة جنسيا. وتزايد هذه الحالات له صلة وثيقة بانتشار الدعارة ". ويعتبر الطبيب أن الحكومة هي التي تتحمل المسؤولية بالدرجة الأولي وعليها معالجة هذه المشكلة.
ولكن الحكومة لديها مشاكل أخرى كما تقول هيثر بار، من هيومن رايتس ووتش: "الحكومة لم تقم بأية خطوات فعالة في جميع القضايا المتعلقة بوضع المرأة، سواء فيما يتعلق بزواج القاصرات أو العنف الأسري وبيع النساء للدعارة القسرية".